"انتقالُ -القوّة العربية- العظيم"
-من دولةِ الهرم… إلى دولةِ الحرم..
للمرة الأولى منذ تشكُّل النظام العربي الحديث، تتقدّم المنطقة نحو (انقلابٍ استراتيجيٍّ مكتمل الأركان) وبشكل -مرجحٍّ جدًا- خلال سنتين إلى ثلاث:
عبر انتقال (مركز القوّة العسكرية العربية) من القاهرة إلى الرياض، وصعود
#السعودية إلى مرتبة (القوة العربية الأولى) متجاوزةً
#مصر التي احتفظت بهذا الموقع لسبعين عامٍ متصلة.
هذا التحوّل سيكون بمثابة (إعادة صياغة لعقل الأمن العربي) وفق معادلة جديدة:
من قوة الكمّ إلى قوة النوع، ومن جيش الضخامة إلى هندسة الردع، ومن دور (الدولة–المركز) إلى (دور الدولة–القطب)
أولًا: لماذا يحدث هذا التحوّل الآن؟
وفق (نظرية انتقال المراكز الأمنية) تتغير خريطة النظام الإقليمي عندما يختلّ أحد المكوّنات الثلاثة للقوة:
1)القدرة العسكرية النوعية
2)القدرة الاقتصادية التمويلية
3)قدرة التحالفات العابرة للحدود
وفي العالم العربي اليوم، تشهد هذه المكوّنات لحظة عدم تماثل واضحة:
•تراجع مصري بطيء لكنه ثابت منذ 2017
•وصعود سعودي هندسيٌّ متسارع، مدفوع بتحالفات، وصناعات، ومظلات ردعية متداخلة
ثانيًا: المسار المصري، من قوة الضخامة إلى معضلة الاستدامة:
تكشف بيانات Global Firepower خلال عشر سنوات عن (مسار انحداري منتظم) في القدرة النوعية المصرية:
•تراجع من المراتب 9–11 إلى المراتب 18–19
•تقلّص الإنفاق الدفاعي الفعلي
•تباطؤ برامج التحديث الجوي والبحري
•تجميد صفقات ثقيلة (إف-15، سوخوي-35)
•ارتفاع تكاليف الصيانة، وانكماش القدر على الإحلال التكنولوجي المُواكب.
ومع انتقال الجيوش الحديثة نحو (النوع المتفوق) بدل (الحجم المتضخم) تضعف أفضلية مصر التاريخية، وتتآكل قدرتها على الحفاظ على استحقاق (القوة العربية الأولى).
ثالثًا: المسار السعودي، صعودٌ هندسيٌّ مُتراكم الطبقات، حيث تبني السعودية (هندسة قوّة) جديدة مؤلفة من ثلاث ركائز:
1) المثلث الردعي السعودي–الباكستاني:
تحالف عسكري، نووي–معرفي، وصاروخي–تقني يعيد تعريف التوازنات الإقليمية، ويمكّن الرياض من امتلاك عمق صناعي وخبرة متقدمة في أجيال التسليح الحديثة.
2) الثورة الدفاعية المحلية (SAMI):
توطين متسارع، تصنيع مسيّرات، محركات، ذخائر موجهة، ومنصّات دفاعية، مع التزام رسمي بتوطين 50% من الإنفاق الدفاعي بحلول 2030.
3) الصفقة السعودية–الأميركية الأضخم في تاريخ المنطقة:
صفقة (18 نوفمبر) ستُدخل الرياض إلى عتبة الجيل الخامس (F-35 أو ما يعادلها)، وتقنيات C4ISR، ودفاع صاروخي متعدد الطبقات، تجعل السعودية الدولة العربية الوحيدة المرتبطة بمنظومات القيادة والسيطرة الأميركية من الجيل المتقدم.
هذا المسار يجعل السعودية أول قوة عربية تُصنّع وتستورد وتبتكر في آنٍ واحد، وتتحوّل من (مستورد سلاح) إلى (مُهندس قوة) بالمعنى المُتكامل.
رابعًا: الانعكاس على مصر، أفول دور، لا أفول دولة:
سيؤدي تراجع مصر المُحتمل إلى المركز الثاني عربيًا إلى إعادة تعريف وظيفتها الإقليمية:
• تراجع نفوذها في بعض الملفّات
• لجوء القاهرة لتعويض التراجع بالخطاب الرمزي والتحالفات الدبلوماسية
• تحوّلها إلى (فاعل دَعْم) بدل (فاعل قيادة)
لن تنهار مصر طبعًا، لكنها ستفقد (مقعد القيادة العسكرية العربية) الذي احتفظت به منذ 1956.
خامسًا: الانعكاس على السعودية، وتكوّن (عقيدة الرياض الأمنية العليا) فحين تصبح الرياض القوة العربية الأولى، ستنتقل المنطقة إلى عقيدة جديدة قوامها:
• الردع الاستباقي
• التحالفات العسكرية عالية التقنية
• شبكات دفاع صاروخي خليجية–عربية
• هندسة الأمن من الخليج إلى البحر الأحمر
• دمج القوة الاقتصادية بالقوة العسكرية في منظومة قرار واحدة
سيتعامل العالم مع السعودية بوصفها (قطب الأمن العربي) والشريك الوحيد القادر على موازنة إيران دون حرب شاملة.
سادسًا: الانعكاس على النظام العربي، وولادة محور عربي أعلى، وقوام هذه المعادلة الجديدة:
السعودية (مركز الردع)
مصر (مركز الاستقرار)
الخليج (مركز التكنولوجيا والمال)
العراق وسوريا (مركز العمق الجيو–اقتصادي)
الأردن (مركز الربط الأمني)
وهذا سيخلق نواة (منظومة ردعية عربية مشتركة) تشبه حلفًا عربيًا عالي التقنية
سابعًا: الانعكاس الإقليمي (ارتجاجٌ في توازنات الآخرين):
• إيران ستعيد توزيع أوراقها في العراق واليمن
• تركيا ستوازن بين المنافسة والصداقة الاستراتيجية
• إسرائيل ستتعامل مع الرياض بوصفها القوة العربية الوحيدة القادرة على موازنة إيران فعليًا
ختامًا: (ولادة زمن عربي جديد)
خلال ثلاث سنوات، قد يشهد العرب (أول انقلاب جيوسياسي) منذ قرن:
السعودية قوة العرب الأولى… ومصر القوة الثانية… والنظام العربي يُعاد هندسته من جديد.
ليس هذا أفولًا لمصر، بل انتقالًا لمركز القوة من (دولة الهرم) إلى (دولة الحرم).