أحد الطرق العجيبة التي كان يميز بها أهل الحديث الخبر الصحيح من المكذوب هو ركاكة اللفظ ، حيث أخه يستحيل على من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم أن يقول خبرا بأسلوب مخالف لما عهد عنه من البلاغة والفصاحة ..
والشافعي رحمه الله عالم أديب فصيح ومن قرأ فقط مقدمة الرسالة يدرك ذلك
التعليق على هذه القصة المكذوبة وقد نشرها بعض المنتسبين للعلم👇
القصة التي أشاعوها فوق كونها لا أصل لها من جهة السند، متنُها منكر، تنبو عنه سجيةُ الرجل وسمتُه.
إذ دفع التهمة عن النفس بابٌ جليلٌ في الحكمة، لا يطرقُه إلا من عرف قدر العرض ومنزلة القدوة، فقد قال يوسف عليه السلام لما أحدقت به التهمة: "هي راودتني عن نفسي"، قال أبو حيّان:
"ولما أغرت بيوسف وأظهرت تهمته احتاج إلى إزالة التهمة عن نفسه فقال: هي راودتني عن نفسي، ولم يسبق إلى القول أولا سترا عليها، فلما خاف على نفسه وعلى عرضه الطاهر قال: هي."
وكذلك جاء الشرع يعلّم الخلق مواضع الاحتياط، ففي الصحيح من حديث أمّ المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها:
"أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره، وهو معتكف في المسجد، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد، مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نفذا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي، قالا: سبحان الله يا رسول الله، ـ وكبر عليهما ما قال ـ، قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما."
فتبيّن أنّ صيانة الوجه من الريبة ليست من باب التشهي ولا طلب البراءة عند الناس، بل من باب القيام بحقّ العدل، ودفعِ ما يُخشى منه من غوائل الظنون؛ فإنّ موضع القدوة أدقّ المواضع، والخلل فيه سريعُ الفساد، ومن ترك بيان حاله اتكالًا على حسن ظنّ الناس فقد تعرّض لفتنة النفس، وغرور التواكل، واستدعاء ما يجلب الملامة.
وهكذا جرت سنن العقلاء: أنّ البيان عند مظانّ التهمة أدعى لنقاء القلوب، وأبلغ في حفظ المروءة، وأقوم في سدّ أبواب الوساوس التي يفتحها الشيطان على من لا يفقه دقائق هذا الباب.