كم أبيات شعر خلّدت صاحبها إلى يوم الدين، فلولا الشعر لما عرفنا عمرو بن كلثوم ولا الأخطل ولا الأعشى ولا حتى كعب بن زهير، ولولا الأدب والروايات لما عرفنا القصص القديمة التي ترجم بعضها من لغاتها الأم إلى لغات أخرى، فهذه كليلة ودمنة نتوارثها بسبب الأقلام التي جفّت على الصحف، وهذه البطولات عرفناها بسبب الرواة الذين تركوا بصمتهم في كل تلك القصص لينقلوا لنا الأحداث والوقائع، ونحن بحاجة في عصر العولمة لمن يدوّن ما يحدث في عصرنا لتعرف الأجيال القادمة تفاصيلنا وتفكيرنا، وقد يقول قائل منصات مواقع التواصل الاجتماعي كافية اليوم لرواية كل تلك الأحداث بتواريخها، ولكن لا نعرف مصيرها بعد قرون، وما نعرفه أنّ الكتاب هو الباقي الأوحد في كل هذه الأزمنة، وحتى القرآن الكريم لولا جهود عثمان بن عفان – رضي الله عنه – في جمعه لما وصل إلينا اليوم ثابتاً كما هو.
نقل القصص والأحداث والروايات واجب على كل متقن للغة العربية، وهو واجب شرعي وإنساني حتى لا تصل للأجيال القادمة الأحداث مبتورة أو غير واضحة كما ينقلها البعض، وعلينا أنْ نتحلى بالأمانة ونحن نخطّ كل حرف، ولا أخفيكم بأني أعاني كثيراً في انتقاء الكلمات، ليس نقصاً في المفردات والثروة اللغوية التي أملكها ولكن تصفيةً للكلمات وانتقاء الكلمات التي تليق بالقارئ ويجد في رحابها راحته وسهولة قراءته.
هدفي الأسمى من هذه الرواية نقل وقائع قد تحدث في أي مجتمع، ونقل بعض التفاصيل التي يجب على كل فرد أنْ يعيها ويعي كيفية التعامل معها، وقد لا أكون الأفضل بكل تأكيد ولكني أطمح دائماً في الحقيقة، وأنا أغضب عندما أجد الحقيقة ناقصة، ولا آمل أنْ تجدها الأجيال اللاحقة عن جيلنا ناقصة، فغضب اللاحقين مسؤولية علينا جميعاً لا سيما من يملكون الخيال الواسع والفراسة الممتدة.
- يتوفر في جناح دار مجرة حصرياً في معرض الكويت الدولي للكتاب