يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ولهذا ننصح أمتنا الإسلامية بادئين بأفراد شعوبها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم، ونوجِّه الدعوة على وجهٍ أوكد إلى ولاة أمورها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم، وألا يغرهم البهرج المزخرف الذي يَرِدُ من الأمم الكافرة التي تضع القوانين المخالفة للشريعة، المخالفة للعدل، المخالفة لإصلاح الخلق، أن يضعوا هذه القوانين موضع التنفيذ، ثم ينبذوا كتاب الله وسنة رسوله وراء ظهورهم، فإن هذا والله سبب التأخر.
ولا أظن أحدًا يتصور الآن أن أمة بهذا العدد الهائل تكون متأخرة هذا التأخر؛ وكأنها إمارة في قرية بالنسبة للدولة الكافرة؛ لكن سبب ذلك -لا شك- معلوم، وهو: أننا تركنا ما به عزتنا وكرامتنا وهو التمسك بهذا القرآن العظيم، وذهبنا نلهث وراء أنظمة بائدة، فاسدة، مخالفة للعدل، مبنية على الظلم والجور
فنحن نناشد ولاة أمورنا، وأقصد بولاة أمورنا: ولاة أمور المسلمين جميعًا؛ لأننا أمة واحدة، وإن تفرقت بنا البلدان، واختلفت مِنَّا الألسن نناشدهم أن يتقوا الله، وأن يرجعوا رجوعًا حقيقيًا إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتى يستتب لهم الأمن والاستقرار، وتحصل لهم العزة والمجد والرفعة، وتطيعهم شعوبهم، ولا يكون في قلوب شعوبهم عليهم شيء
وذلك لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله ما بينه وبين الناس، فإذا كان ولاة الأمور يريدون أن تُذْعِن لهم الشعوب وأن يطيعوا الله فيهم، فليطيعوا الله أولًا حتى تطيعهم أممهم، وإلا فليس من المعقول أن يعصوا الملك الأكبر، وهو الله، ثم يريدون أن تطيعهم شعوبهم، هذا بعيد، بل كلما بعُد القلب عن الله بَعُد الناس عن صاحبهم، نسأل الله العافية، وكلما قَرُب من الله قَرُب الناس منه
فنسأل الله أن يعيد لهذه الأمة الإسلامية مجدها وكرامتها، وأن يذل أعداء المسلمين في كل مكان، ونسأل الله تعالى أن ينصر إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وأن يعينهم على ما أصابهم من هؤلاء النصارى الذين لا يريدون أن تقوم للمسلمين قائمة في أي مكان، ونسأل الله أن يذل النصارى واليهود، وأن يكبتهم، وأن يردهم على أعقابهم خائبين، وكذلك كل عدو للمسلمين، إنه على كل شيء قدير