أعظم خطر يواجهه الانسان ليس عدوًّا ولا خيانة حاقد أو مؤامرة.
الخطر الحقيقي هو النفس حين تستسلم لشهواتها، فهي إذا تركت بلا ضبط قادت صاحبها إلى الضياع.
فلا خيانة حاقد ستدمر حياتك ولا صراع عدو سيقوض طموحك، الصراع الذي يقوض ويدمر النفس هو صراعك مع نفسك وانتصارها عليك، فكل من هُزم إنما نفسه انتصرت عليه بعد ان تراخى عن ردعها.
وكل ما تمر به في حياتك من نفسك، إلا لحظتين لا حيلة لابن آدم فيهما حيله ..يوم يولد ويوم يموت. وما بينهما كله من خيارك، والنفس مجبولة على الشهوات والشر، فإن طعتها فلا تلم أحدًا بل لم نفسك قبل أن تلوم الأيام.
وكم من إنسان تبع نفسه فقضت عليه وانفضّ عنه من حوله، فإذا لم تساعد نفسك بجعلها كالميزان معتدلًا ضللت، ولن تجد من يرفعك ويوصلك ويجعلك منك شيء عدى هذه النفس وما تحمله، فإن لم تساعد نفسك لتساعدك فلن تجد من يمد يده لك.
والرسول يقول: «إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة».
فإذا كانت هذه الندرة في عصر الرسول والانقياء والأتقياء بالكاد تجد من المائة واحدة، فكيف بزمن كله صراعات؟ فأنت إن وجدت بالكاد بين الملايين راحلة واحدة فأنت ربما محظوظ.
جاهد نفسك في حياتك، فالإنسان خُلق في كبد، ولا تضع أحدًا في غير موضعه، ولا ترفع سقف توقعاتك في الناس، فإن لم تبرزك نفسك بما تثور به من عواصف لتكون شيئًا، فلن ينفعك الناس، والناس ما تسقيك لو كنت عطشان.